إعلام

إغلاق “بزفيد نيوز” نهاية حقبة للإعلام الرقمي

قبل عامين فقط، تمت الإشادة بـ”بزفيد نيوز” لحصولها على جائزة بوليتزر الأولى للعمل الاستقصائي، لاستخدامها صور الأقمار الصناعية لتحديد مواقع المسلمين الإيجور.

وصف مارك شوفس، رئيس التحرير آنذاك، العمل -وهو واحد من سلسلة من المقالات الحائزة على جوائز والتي أكسبت المجموعة سمعة جيدة في ريادة العمل الاستقصائي- على أنه “مثال للتحليل الجنائي المبتكر والتقارير الإبداعية”.

وغرد شوفس الخميس في تويتر برد بسيط على الأخبار التي تفيد بأن بزفيد نيوز قد أغلقت قسم الأخبار القديم الخاص بها في إطار خطة جذرية لخفض التكاليف عبر الشركة لاستعادة الربحية. كتب: “إنه يوم مريع”.

كان ذلك في اليوم نفسه الذي سرحت فيه مجموعة إنسايدر للإعلام الرقمي المنافسة، 10 في المائة من موظفيها في معركة للإبقاء على الشركة في وضع “صحي وتنافسي”، وفقا لرسالة بريد إلكتروني من باربرا بينج، رئيسة المجموعة.

قال موظفون ومحللون سابقون إن قرار بزفيد كان علامة على تضاؤل حظوظ مجموعة من الشركات الناشئة الرقمية المدعومة برأس المال المغامر، التي تغنت ذات يوم بطموحات إحداث ثورة في الطريقة، التي يتم بها تقديم الأخبار للناس.

وصف بن سميث، المحرر المؤسس لبزفيد نيوز، الذي يدير الآن مجموعة سيمافور الإعلامية، عملية الإغلاق بأنها نهاية حقبة لنوع “الصحافة التي تم إنشاؤها لنشر المحتوى بسهولة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ولتغطية الإنترنت كمكان حقيقي ومهم”.

قال لـ”فاينانشيال تايمز”: “لقد سئم الناس من هذا الشكل من التوزيع ومن وسائل التواصل الاجتماعي بشكل عام. ما يريدونه الآن هو شيء أكثر إنسانية، وأكثر تنسيقا، وشيء، من المفارقة أنه مصمم لمساعدتك على التغلب على فوضى وسائل التواصل الاجتماعي البالية”.

في العام نفسه الذي فازت فيه بزفيد بجائزة بوليتزر، توقعت الشركة قبل طرحها العام الأول مباشرة أن يتم تقييمها بـ1.5 مليار دولار. وبعد انتشار نبأ خفض التكاليف الخميس، انخفضت قيمتها السوقية إلى نحو 100 مليون دولار، الأمر الذي ترك المستثمرين يتساءلون عما هو التالي للمجموعة التي بدت ذات يوم في ارتفاع لا يمكن إيقافه بفضل مجموعاتها الملونة من الرموز التعبيرية ومنشوراتها على شكل قوائم.

جاء في آخر إشعار تم إرساله من المجموعة إلى الهواتف الخليوية الخميس: “بزفيد نيوز ستقطع اتصالها عن الإنترنت”.

وأعلنت شركة الإعلام الرقمي خسارة صافية بلغت 201.3 مليون دولار العام الماضي، مقارنة بأرباح قدرها 25.9 مليون دولار في العام السابق.

موقع بزفيد ليس وحده الذي يكافح لتحويل الأخبار إلى أرباح. فقد سرح موقع فوكس الإخباري نحو 7 في المائة من موظفيه في بداية العام. وكان موقع فايس يستكشف عملية بيع من المحتمل أن تسفر عن سعر أقل بكثير من التقييمات العالية التي حددتها جولات جمع الأموال السابقة.

وقامت مؤسسات إخبارية أخرى أيضا بتسريح موظفين حول العالم مع شد الأحزمة في سوق الإعلانات وتباطؤ الاقتصاد، بينما أصبح نوع ممولي رأس المال المغامر، الذي تعتمد عليه الشركات الناشئة الرقمية الخاسرة للحصول على النقد نادرا منذ الانهيار الداخلي لقطاع التكنولوجيا العام الماضي.

قال جوناثان ميلر، الرئيس التنفيذي لشركة إنتجريتيد ميديا المتخصصة في استثمارات الوسائط الرقمية، إن “النماذج المبنية على الضجة” في الأخبار الرقمية لن تنجح بعد الآن لأن المستثمرين والمساهمين بحاجة إلى رؤية مسار أسرع لتحقيق الربحية.

أضاف: “ما نراه هو أن هذه العلامات التجارية لوسائل الإعلام الرقمية تركز على بناء نوع النطاق الهائل الذي شعرت أنه ضروري للمنافسة على الأموال التي تنفق على الإعلانات -حيث تأتي كل أموالها- لكن الأمر انتهى بها بتسريع طروحاتها، وفقدت بصيرتها فيما يتعلق بالأشياء التي جعلتها مختلفة وذات مغزى من البداية.

أشار ميلر إلى أن “التوعية الكبيرة وانخفاض التفاعل لا يمكن أن تكون نموذج عمل مستداما، خاصة فيما أصبح بيئة اقتصادية صعبة المراس. فلم يعد هناك شيء مجاني، يجب أن تكسب كل شيء بجهدك”.

يرى محللون أن بزفيد أخطأت في فهم اقتصاد سوق الأخبار. قال جوزيف تيسديل، رئيس قسم التكنولوجيا في شركة إندرز أناليسيس البحثية، إن بزفيد راهنت على أن الصحافة المجانية التي توزعها منصات التكنولوجيا الكبيرة مع جمهورها الواسع ستحقق أرباحا، لكن بدلا من ذلك، بقيت أموال الإعلانات مع منافسيهم الأكبر.

أضاف: “إننا في نهاية تحول المد لهذه المجموعات. فقد تم تقييمها بشكل خاطئ كمجموعات تكنولوجية – صناعة المحتوى الإخباري مكلفة”.

تحمل المؤسس المشارك، جونا بيريتي، المسؤولية عن الخسائر، لكنه انتقد أيضا مجموعات التكنولوجيا، التي رأى أنها استغلت بزفيد دون أن تكافئها على محتواها.

في مذكرة موجهة إلى الموظفين الخميس، قال بيريتي إنه مذنب بالإفراط في الاستثمار في بزفيد نيوز “لأنني أحب عملهم ورسالتهم كثيرا”، لكن هذا “أخرني في قبول أن المنصات الكبيرة لن توفر التوزيع أو الدعم المالي المطلوب لدعم الهدف الأساسي للصحافة الحرة والمصمم خصيصا لوسائل التواصل الاجتماعي”.

كان موقع بزفيد نيوز واحدا من أوائل المنافذ الإخبارية التي تم إنشاؤها لتكون معتمدة إلى حد كبير على المنصات التكنولوجية الكبيرة في عدد الزيارات للموقع والإحالات، عبر استغلال الاستراتيجية الاجتماعية التي بنيت عليها المجموعة الأوسع والمصممة لتعظم الوصول في أوساط جيل شاب.

لكن الشركة وجدت بدلا من ذلك أن هذه المنصات قد ألغت أولوياتها وغيرت استراتيجياتها المتعلقة بالدفع مقابل الأخبار، بينما تغيرت السوق مرة أخرى مع مجيء منصات أخرى، مثل تك توك، تؤثر في الكيفية التي يجد فيها الجمهور الأصغر سنا الشؤون الجارية ويتفاعل معها.

جاء هذا التحول في مواجهة تباطؤ أوسع في سوق الإعلانات الرقمية، مرة أخرى، كما أشار بيريتي في مذكرته، إلى جانب “سوق منشآت الاستحواذ ذات الأغراض الخاصة، المتلاشية، التي أنتجت رأسمالا أقل وركودا تكنولوجيا واقتصادا قاسيا وسوق أسهم متراجعة”.

سيستمر موقع هفينجتون بوست، الذي تم الاستحواذ عليه في 2020 كموقع إخباري رقمي لبزفيد.

كانت بزفيد تبذل قصارى جهدها للإشارة إلى أن هذه التخفيضات في الوظائف لم تكن مرتبطة بأي تحول إلى المحتوى القائم على الذكاء الاصطناعي. قالت الشركة إنها لم تستخدم الذكاء الاصطناعي لإنشاء محتوى إخباري، رغم استخدام الذكاء الاصطناعي إلى جانب الموظفين لتطوير “محتوى ترفيهي”.

يقول محللون إن مستقبل الأخبار المربحة من المرجح أن يكون وراء أنظمة الاشتراك غير المدفوع. قال تيسديل: “هل يمكنك دعم غرفة أخبار رقمية عبر الإعلانات الرقمية فقط؟ لا تشير الأدلة إلى ذلك”.

كما دخلت السوق منافذ إخبارية أخرى، مثل سيمافور، التي تستهدف مجموعات محددة من مستخدمي الأخبار.

يقول ميلر، الذي استثمر في موقع فاندوم للترفيه والألعاب وموقع فوتبولكو الرياضي، إن المنصات الرقمية تحتاج إلى التركيز على بناء أعمال مستهدفة تخدم قطاعا أو مجتمعا معينا له اهتماماته الخاصة.

لكن بالنسبة إلى آخرين، بزفيد نيوز فشلت ببساطة في التحرك بسرعة للتكيف مع السوق الرقمية المتغيرة. قال سميث: “لقد حققت بزفيد نيوز ومحررتها كارولينا واكلاوياك تقدما في التحول إلى نماذج مختلفة، لكن الوقت نفد”.

المصدر: الإقتصادية

مقترحات