إعلام

مقابلة خاصة مع مجدي عاشور، المدير العام لشركة مسبار للعلاقات العامة

في ظل التطورات السريعة التي يشهدها قطاع العلاقات العامة في دولة الإمارات العربية المتحدة بشكل خاص والعالم بشكل عام، ودور التكنولوجيا الحديثة ووسائل التواصل الاجتماعي في إعادة تشكيل المشهد الإعلامي، نستضيف اليوم مجدي عاشور، مدير عام شركة مسبار للعلاقات العامة. من خلال هذه المقابلة، سنتعرف على رؤيته حول واقع العلاقات العامة في الإمارات، وكيفية مواجهة التحديات المتزايدة، بالإضافة إلى آرائه حول مستقبل القطاع في ظل التحول الرقمي واستخدام التكنولوجيا الذكية في إنشاء المحتوى الإعلامي.

بداية، حدثنا عن شركة مسبار للعلاقات العامة ودورها في قطاع العلاقات العامة في دولة الإمارات

تأسست شركة مسبار للعلاقات العامة في دولة الإمارات منذ عام 2015 لتكون شريكًا استراتيجيًا في بناء الصورة الذهنية وإدارة السمعة المؤسسية. حيث نقدم مجموعة متكاملة من الخدمات المتقدمة في مجال الاتصال في شقيه التقليدي والرقمي مع تركيز خاص على الاتصال الاستراتيجي وإدارة السمعة المؤسسية خاصة في البيئات الديناميكية والمتغيرة.
نعمل مع عدد من الجهات الحكومية والمؤسسات الخاصة، حيث نطور استراتيجيات اتصال شاملة تُصمم خصيصًا لتلبية الأهداف المؤسسية وتعزيز الثقة مع الجمهور. تشمل خدماتنا تحليل السمعة وتحديد الفجوات في الاتصال، تصميم الرسائل الاستراتيجية، إدارة الأزمات الإعلامية، وبناء سرديات مؤثرة تدعم رؤية وقيم عملائنا.

يعتمد فريق “مسبار” على خبرات عميقة تمتد لسنوات في مجالات الاتصال والتحليل، وإدارة الأزمات، والعلاقات الحكومية، مما مكننا من تقديم حلول مخصصة ومبنية على بيانات ورؤى استراتيجية. فنحن لا نقدم فقط خدمات إعلامية، بل نبني شراكات طويلة الأمد مع عملائنا، نُسهم من خلالها في رفع جاهزيتهم الإعلامية وتعزيز حضورهم في المشهد العام بكفاءة واحترافية.

ما هي أبرز التحديات التي تواجه قطاع العلاقات العامة في دولة الإمارات حالياً؟

يشهد قطاع العلاقات العامة في دولة الإمارات تحولات متسارعة تفرض على العاملين فيه تجاوز الأطر التقليدية والعمل وفق استراتيجيات أكثر ذكاءً ومرونة. فالتحديات لم تعد محصورة في كيفية إيصال الرسائل، بل في كيفية بناء جسور حقيقية مع جمهور متنوع ومتطلب في بيئة رقمية سريعة وديناميكية.

فالتحول الرقمي السريع، على سبيل المثال، بات يلزم المؤسسات بإعادة ابتكار أدواتها وأساليبها، خاصة مع صعود الذكاء الاصطناعي وتحليلات البيانات والمنصات التفاعلية. ومع هذا التطور، تغيّرت أيضاً سلوكيات الجمهور وتوقعاته؛ إذ لم يعد المحتوى الأحادي الاتجاه مقبولاً، بل باتت الشفافية والتفاعل والمصداقية هي الأسس الجديدة لأي اتصال ناجح.

في ظل هذه البيئة المتغيرة، أصبحت إدارة السمعة تحدياً قائماً بذاته، لا سيما مع سرعة تدفق المعلومات عبر وسائل التواصل الاجتماعي. فكل موقف، وكل تصريح، قد يتحول في لحظات إلى مادة نقاش أو حتى جدل واسع، مما يتطلب استجابة دقيقة مبنية على فهم لحظي للسياق الرقمي.

كما تبرز التركيبة السكانية والثقافية المتنوعة في الإمارات كعنصر يجب التعامل معه بذكاء، حيث يتوجب تصميم رسائل تراعي تعدد الجنسيات واللغات، وتحترم في الوقت ذاته التقاليد المحلية والخصوصيات الثقافية.

إلى جانب كل ذلك، يظل إنتاج محتوى مؤثر وقادر على جذب الانتباه وسط زخم المحتوى تحدياً دائماً. فالجمع بين العمق والبساطة، وبين الطابع المحلي والرؤية العالمية، أصبح ضرورياً لتحقيق التفاعل المطلوب. أما قياس الأثر، فيبقى من أكبر التحديات، إذ أن النجاح لا يقاس بعدد المشاهدات فقط، بل بمدى بناء الثقة وترسيخ السمعة المؤسسية على المدى الطويل.

كيف ترى تأثير وسائل التواصل الاجتماعي والمؤثرين على صناعة العلاقات العامة؟

أحدثت وسائل التواصل الاجتماعي، ومعها صعود المؤثرين، تحولًا جذريًا في صناعة العلاقات العامة، فلم تعد هذه المهنة تعتمد فقط على البيانات الصحفية والعلاقات مع وسائل الإعلام التقليدية، بل أصبحت تقوم على إدارة علاقات أكثر تعقيدًا وسريعة الإيقاع ومتعددة الأطراف. فقد حولت هذه المنصات الجمهور من متلقٍ سلبي إلى طرف فعّال يشارك في صناعة الرسائل والتأثير على توجهاتها، مما فرض على ممارسي العلاقات العامة الانتقال من نموذج الاتصال الأحادي إلى حوار تفاعلي مفتوح يتطلب استجابة فورية ومدروسة في آن واحد. ولم تعد السمعة تُبنى على مدى شهور أو سنوات، بل بات يمكن أن تتعزز أو تُهدد في لحظات، بفعل تعليق عابر، ترند مفاجئ، أو محتوى ينتشر بشكل فيروسي، الأمر الذي يفرض يقظة دائمة وحسًا استراتيجيًا عاليًا في التعامل مع الرأي العام.

في هذا المشهد الجديد، لم يعد المؤثرون مجرد أدوات لنشر الرسائل المؤسسية، بل أصبحوا جهات إعلامية بحد ذاتهم، يمتلكون قدرة ملموسة على تشكيل الرأي العام وتوجيه سلوك الجمهور. ويتميّزون بعنصر غالبًا ما تفتقده المؤسسات، وهو الثقة الشخصية والعلاقة العاطفية المباشرة مع متابعيهم، ما يجعل التعاون معهم ضرورة في كثير من الحملات، لكن ضمن أطر دقيقة ومدروسة تأخذ بعين الاعتبار القيم المشتركة، والمواءمة بين صورة المؤثر وهوية العلامة التجارية. ورغم الفرص الكبيرة التي يوفرها هذا التعاون، إلا أن مخاطره لا تقل أهمية، خاصة فيما يتعلق بالمصداقية والشفافية والاتساق في الرسائل المؤسسية، إذ يمكن لأي موقف غير محسوب أو محتوى مثير للجدل من أحد المؤثرين أن ينعكس سلبًا على صورة المؤسسة، مما يجعل عملية الاختيار والتخطيط وإدارة المخاطر جزءًا لا يتجزأ من دور العلاقات العامة.

ومع اتساع نطاق التأثير الرقمي، انتقلت العلاقات العامة من دور تنفيذي محدود إلى دور استشاري واستراتيجي أشمل، يشمل تحليل السمعة الرقمية، فهم سلوك الجمهور، إدارة المحتوى المؤثر، ووضع سياسات فعّالة للتفاعل في البيئات الرقمية. ولم تعد المهارات التقليدية كافية، بل أصبح من الضروري أن يمتلك خبراء العلاقات العامة أدوات تحليل البيانات، والقدرة على التفكير السردي، وإدارة الأزمات في الزمن الرقمي. كل ذلك يعيد تشكيل أولويات المهنة، ويمنحها دورًا محوريًا في قيادة الثقة المؤسسية في عصر تتداخل فيه الحقيقة مع الرأي، وتُقاس فيه السمعة بمدى الشفافية وسرعة التفاعل. وسائل التواصل الاجتماعي والمؤثرون لم يغيروا فقط أدوات العلاقات العامة، بل أعادوا تعريف دورها، وجعلوها أكثر مركزية وتأثيرًا في قلب المنظومة المؤسسية.

في ظل التحول الرقمي والتقدم التكنولوجي، كيف تتوقع مستقبل قطاع العلاقات العامة في الإمارات؟

يشهد قطاع العلاقات العامة في دولة الإمارات تحولاً نوعياً في ظل تسارع التحول الرقمي وتبني الدولة لتقنيات الذكاء الاصطناعي ضمن رؤيتها للمستقبل. واعتقد انه لم يعد الدور التقليدي للعلاقات العامة كافياً، بل أصبحت الحاجة ملحة إلى نماذج اتصال تركز على بناء الثقة وتعزيز التفاعل الحقيقي مع جمهور متنوع ومتعدد الثقافات.

أصبح من المؤكد أن تقنيات الذكاء الاصطناعي ستشكل جزءاً محورياً من منظومة العلاقات العامة، خاصة في تحليل البيانات، والرصد الإعلامي والدقيق للمشهد الإعلامي، وقياس اتجاهات الرأي العام، وتصميم رسائل دقيقة ومخصصة. وسيسهم ذلك في تمكين المؤسسات من التنبؤ بالأزمات والتعامل معها بفعالية قبل تفاقمها، كما يعزز قدرتها على إنتاج محتوى يتميز بالمرونة والمواءمة مع تطلعات الجمهور المتغير.

في هذا السياق، ستلعب العلاقات العامة دوراً محورياً في دعم الصورة الوطنية للإمارات وتعزيز حضورها الإقليمي والدولي. وسيتطلب ذلك سرديات مؤسسية متماسكة، وخطاباً إعلامياً يعكس القيم الوطنية والابتكار، إلى جانب تنسيق فعّال بين الجهات الحكومية والخاصة لضمان اتساق الرسائل وقوة تأثيرها.

كما سيتنامى الطلب على الكفاءات الإماراتية المتخصصة في الاتصال الاستراتيجي وإدارة السمعة، بما يتماشى مع توجه الدولة لتمكين المواهب الإعلامية وتوطين المعرفة الاتصالية. وستتحول العلاقات العامة من أداة تنفيذ إلى شريك استراتيجي يسهم في صناعة القرار وقيادة الأثر، من خلال أدوات قياس دقيقة وتحليل لحظي للأداء الاتصالي.

إن مستقبل العلاقات العامة في الإمارات مرشح لأن يكون أكثر ذكاءً وتأثيراً، مدفوعاً بالتقنيات المتقدمة ورؤية الدولة الطموحة نحو الريادة، حيث لا يقتصر الاتصال على الترويج، بل يصبح عنصراً أساسياً في بناء الثقة، وتشكيل الرأي العام، وصناعة التأثير المؤسسي والوطني.

ما رأيك في استخدام التكنولوجيا الذكية في إنشاء المحتوى الإعلامي؟

أصبحت التكنولوجيا الذكية أداة أساسية في الارتقاء بجودة المحتوى الإعلامي وكفاءته، حيث لم يعد إنتاج المحتوى يعتمد فقط على المهارات التحريرية التقليدية، بل أصبح يستند إلى منظومة رقمية متكاملة تتيح فهم الجمهور بشكل أعمق والتفاعل معه بطرق أكثر تأثيرًا. على سبيل المثال، تسهم تقنيات تحليل البيانات في رصد الأنماط السلوكية وتحديد المواضيع التي تحظى باهتمام الجمهور في الوقت الفعلي، ما يساعد في توجيه الرسائل الإعلامية بدقة وسرعة.

كما أصبح الذكاء الاصطناعي قادراً على توليد محتوى مبدئي عالي الجودة، وترشيح العناوين، وتكييف الرسائل وفقاً للمنصات المختلفة والجمهور المستهدف. بل إن بعض الأدوات قادرة على تحليل نبرة الخطاب وتوقع ردود الأفعال المحتملة، ما يمنح صانع القرار الإعلامي ميزة تنافسية في إدارة الاتصال بذكاء وتوازن.

رغم هذه القدرات المتقدمة، فإن التكنولوجيا لا تُغني عن البعد الإبداعي والإنساني في صناعة المحتوى، بل تعمل على تعزيزه. فهي تُحرر فرق العمل من المهام الروتينية، وتتيح لهم التركيز على صياغة رسائل أكثر ابتكارًا، وبناء سرديات أكثر عمقًا وتأثيرًا. وفي بيئة مثل الإمارات، التي تتبنى الابتكار كمكون أساسي في استراتيجياتها الاتصالية، فإن الجمع بين الذكاء الاصطناعي والبصيرة الإنسانية يمثل مستقبل المحتوى الإعلامي الناجح والملائم للمرحلة المقبلة.

كيف تواكب مسبار هذه التحولات التكنولوجية في تقديم خدماتها؟

في “مسبار”، لا نواكب التحولات التكنولوجية كخيار، بل نعتبرها ركيزة أساسية في فلسفة عملنا وتطوير خدماتنا الاتصالية. بحيث نحرص على الاستثمار المستمر في البنية الرقمية المتقدمة، وتبني أحدث التقنيات الذكية التي تتيح لنا تقديم حلول اتصالية مبنية على البيانات، وديناميكية في الاستجابة، ودقيقة في قياس الأثر.

وتحقيقا لهذه الاستراتيجية نستخدم أدوات متقدمة لتحليل البيانات والتوجهات الرقمية، ما يمكننا من بناء فهم أعمق لاحتياجات الجمهور وتوقع تحولات الرأي العام. كما ندمج تقنيات الذكاء الاصطناعي في تحليل المحتوى الإعلامي، والتنبؤ بالأزمات المحتملة، مما يعزز من جاهزيتنا لتقديم استجابات اتصالية مبنية على رؤى فورية ودقيقة.

ولا يقتصر توظيفنا للتكنولوجيا على الجانب التحليلي فقط، بل يمتد إلى تصميم استراتيجيات ومنهجيات تواصل واتصال تأخذ في الحسبان سرعة العصر وتغير أدوات التأثير، مع المحافظة على جوهر الرسالة الاتصالية وملاءمتها للسياق المحلي والثقافي.

ما هي النصيحة التي تقدمها للشركات الساعية لتحسين حضورها الإعلامي؟

أنصح الشركات بالاستثمار في بناء استراتيجيات تواصل شاملة تأخذ بعين الاعتبار التنوع الثقافي والتغيرات التكنولوجية. يجب التركيز على استخدام البيانات بشكل استراتيجي لفهم الجمهور وتقديم محتوى يلبي اهتماماته. كما أن بناء علاقات جيدة مع وسائل الإعلام والمؤثرين يظل عنصراً أساسياً لتعزيز الثقة والمصداقية. فالحضور الإعلامي اليوم ليس سباقاً على المساحة، بل رهان على القيمة والثقة. فالمؤسسات التي تدمج بين الاستراتيجية المدعومة بالبيانات، والإبداع في المحتوى، وبناء التحالفات الإعلامية، هي التي ستكتب اسمها ليس في العناوين، بل في أذهان الجمهور.

ختاماً، هل من مشاريع جديدة تخطط لها مسبار في المستقبل القريب؟

نعم، لدينا عدة مشاريع قيد التخطيط تتضمن تطوير حلول تكنولوجية جديدة في مجال إدارة السمعة وتحليل البيانات الإعلامية وخاصة في البيئات الرقمية. كما نعمل على تعزيز تواجدنا في المنطقة من خلال توسيع شراكاتنا مع جهات إعلامية محلية وإقليمية. هدفنا هو تقديم حلول متكاملة تلبي احتياجات عملائنا في العصر الرقمي.

خبر صحفي

 

 

مقترحات