عالم التأثير

استغلال الأطفال على «السوشيال ميديا».. جريمة لا يمحوها الزمن

عادت الى الواجهة خلال الفترة الماضية ظاهرة استغلال الأطفال على مواقع التواصل الاجتماعى بعد إلقاء القبض على احدى الأمهات لقيامها بالتشهير بأطفالها وتوجيه اتهامات غير أخلاقية لهم وهو ما أثار حالة كبيرة من الغضب بعد ان وصل الهوس بالمشاهدات الى حد الاستغلال الجنسي للأطفال وانتهاك حرمة الصغار وتعريضهم للوصم والتنمر طوال حياتهم وهذه ليست المرة الأولى التى يتم القبض فيها على آباء وأمهات ارتكبوا هذه الجريمة بل سبقها العديد من «اليوتيوبرز» وهو ما يؤكد حاجتنا الى مزيد من الوعى ومزيد من العقوبات كما تقول النائبة د. دينا هلالي التى تقدمت من قبل بمقترح لمجلس الشيوخ لتغليط عقوبات استغلال الأطفال على مواقع التواصل التى تؤكد ان استغلال الأطفال سواء فى الواقعة الأخيرة أو ما سبقها هو أمر غير مقبول سواء كان ذلك على المستوى الإنساني أو الاجتماعى أو حماية حقوق الطفل وبشكل عام وللأسف أصبحت ظاهرة استغلال واستخدام للطفل من جانب الأسرة ظاهرة متنامية نشاهدها كثيرا، وهناك فرق بين طفل موهوب يقدم محتوى معينا بالغناء أو التمثيل أو غيرها ويجد التشجيع من الأسرة على أمل أن يجد فرصة ويشاهده ملحن أو مخرج وبين استغلال الطفل فى محتوى غير لائق من أجل تحقيق مشاهدات وأرباح اكبر وانتهاك خصوصية الطفل, ونلاحظ هنا ان الفارق غير واضح بالنسبة لكثير من الاباء والأمهات من أصحاب قنوات اليوتيوب وصفحات السوشيال ميديا ومن هنا لابد من تكثيف حملات التوعية وتعريفهم بمفهوم الاتجار بالبشر وحقوق الطفل فحتى لو كانوا يفعلون ذلك عن غير قصد أو عن جهل فهم يقعون تحت طائلة القانون وهنا لا بد من تغليظ العقوبة وتجريم هذه الأفعال وحماية للطفل وحقوقه فى المقام الأول، ولمواجهة الظاهرة والحد منها، تطالب النائبة دينا هلالي بتضافر جميع الجهود سواء كانت من خلال المجلس القومي للأمومة والطفولة أو حقوق الإنسان والمجالس النيابية والتشريعية بتشديد الغرامات الرادعة على مرتكبى هذه الجرائم الشنعاء فى حق الإنسانية عامة والطفل خاصة وما يهمنا الآن هو منع الاستغلال للطفل، كما طالبت بضرورة إجراء دراسات اجتماعية ونفسية على هذه الظاهرة وخطورتها على الأطفال وتوعية الآباء والأمهات فالطفل الذى يتم استخدمه على هذا النحو يعانى مشاكل نفسية واجتماعية كبيرة مثل عدم قدرته على عقد الصداقات وعدم القدرة على الاندماج فى المجتمع نتيجة الشعور بالشهرة المفاجئة والقدرة على جنى الأموال، وهو ما يؤكده الدكتور ياسر يسرى عبدالمحسن أستاذ الطب النفسى بجامعة القاهرة، فاستغلال الأطفال على مواقع التواصل الاجتماعى له تبعات خطيرة على نموهم وسلامتهم النفسية ومن الممكن إصابتهم بأمراض نفسية خاصة فى مرحلة المراهقة والشباب ومن أهمها الاضطرابات المزاجية وفقدان الثقة فى النفس مع وجود احتمالية دخول هؤلاء الأطفال فى اضطرابات سلوكية فيما بعد فكل كلمة وكل سلوك يتعرض له الطفل يشكل عاملا مؤثرا فى تكوين شخصيته وبالتالى صلابته النفسية فى مواجهة مسئوليات الحياة فيما بعد وقدرته على التعايش بشكل سوى مع المجتمع وتحمل المسئوليات ونجاحه فى تكوين أسرة سوية فى المستقبل أما اذا تطرقنا لعلاج هذه الظواهر فيجب ان نبدأ من الجذور بحيث يكون هناك التوعية والإرشاد للآباء والأمهات على أساليب التربية الصحيحة ومنع وتقليل الأخطاء التربوية التى ربما يكون لها دور فى تكوين شخص غير سوى يتسبب فى إيذاء أطفاله عندما يأتي دوره فى تربية الأبناء بشكل صحى, فتغليظ العقوبات ربما لا يكون الحل الوحيد ولكن لا بد من البحث فى كل حالة على حدة ومساعدة هؤلاء الآباء نفسيا وتوعيتهم للقضاء على هذه الظاهرة نهائيا فبعض الاباء يرتكبون هذه الجريمة نتيجة الجهل وعدم ادراك خطورة ما يفعلونه .

الكاتبة الدكتورة نهى عباس رئيس تحرير مجلة نور للطفل ترى ان استغلال الأطفال على مواقع التواصل وانتهاك حقوقهم قضية فى غاية الخطورة وللأسف نحن فى زمن الترند وسيطرته على أصحاب النفوس المريضة التى تسعى لتحقيق الشهرة والمكاسب المالية بأي وسيلة لدرجة ان البعض جعلوا من حياتهم الخاصة وسيلة للربح بتصويرها وعرضها على العامة لكن عندما يصل الموضوع عند حد إشراك الأطفال فى هذا فيجب ان ننتبه كمجتمع وكدولة انه انتهاك صريح لحق الطفل الذى لا يملك من أمره شيئا ويدفعه البعض أحيانا لتقليد نماذج لا تناسب براءته ولا مرحلته العمرية من أجل تحقيق التربح والمشاهدات لذلك بتشديد العقوبات وتجريم من يفعلون ذلك والتركيز على القضية فى وسائل الاعلام لتوعية الآباء والأمهات.

أحمد مصليحي المحامى ورئيس شبكة الدفاع عن الأطفال يرى ان المشكلة ليست فى القانون لأن لدينا مجموعة قوانين لحماية الطفل ومنظومة تشريعات حقيقة لو طبقت بشكل صحيح فستكون كافية ووافية لحماية الطفل من جميع أشكال التعدى مهما كان هذا التعدى, فلدينا قانون الطفل رقم 12 لسنة 1996 م والمعدل بقانون 126 لسنة 2008 م وقوانين العقوبات كلها, وايضا لدينا قانون الاحوال المدنية وقانون الاتجار بالبشر وهى فى الحقيقة منظومة قوانين لو طبقت ستوفر اكبر حماية للأطفال حسب الحالة الموجودة من حالات التعدى على الاطفال وفى عام 2008 تمت إضافة مادة لقانون العقوبات تتعلق بالاستغلال الاقتصادى أو الجنسي للأطفال ونصت على عقوبة 5 سنوات لمن يعتدى أو يستغل الطفل استغلالا يحقق منه مقابلا اقتصاديا أو يحصل من ورائه على مقابلا ماديا. ولذلك فالتصدي لهذه الظاهرة مسئولية مجتمعية فى المقام الأول بعدم التساهل مع هذه الجرائم وتطبيق القانون بصرامة لوضع حد لهذه الظاهرة المؤسفة.

المصدر: بوابة الأهرام

مقترحات